جامعة التقانة .. التفوق ما من بعيد

جسور نيوز
جمال عنقرة

عندما بعث لي أخي الحبيب الدكتور معتز البرير تصنيف الجامعات السودانية لهذا العام، وجاءت جامعته، جامعة العلوم والتقانة في المرتبة الرابعة علي كل الجامعات السودانية، والأولي علي الجامعات الخاصة، ولم تتقدمها سوي جامعات الخرطوم والسودان والجزيرة، وهذه جامعات دولة عريقة، فلم يدهشن هذا التصنيف المتقدم لجامعة التقانة، ذلك أني أعرفها منذ أن كانت فكرة، وأعرف صاحبها ومؤسسها منذ أن كان يتحسس طريقه لدراسة الجامعة، ولعلي ذكرت ذلك في مقال سابق كتبته عن ملك الصناعة في السودان الأخ الحاج معاوية البرير، ومعتز هو ثالث من أعرف من أسرة الحاج محمد أحمد البرير المعروفة، الأولي كانت الرائدة الرائعة الحاجة حياة لها الرحمة والمغفرة، والدة صديقنا التاريخي مأمون مجذوب علي حسيب، وهذه صلتنا معها تعود إلى نحو نصف قرن من الزمان، منذ سبعينيات القرن الماضي، وعندها تعرفت علي شقيقها الأحب الوجيه البديع الأنيق مأمون له الرحمة والمغفرة، أما المعتز فلقد تعرفت عليه بعد جلوسه لامتحان الشهادة السودانية، وكان صديقا وزميلا لإبن أخي وأستاذي ومعلمي وشيخي الحبيب ملك ملوك العمل التطوعي في السودان وأفريقيا والشرق الأوسط النمر الدكتور عبد الله سليمان العوض، له الرحمة والمغفرة، فالمعتز كان صديقا وزميلا للمهندس هاني عبد الله سليمان، ودرسا معا الجامعة في أمريكا، وأكثر ما أسرني في المعتز وفاؤه ومودته الصادقة، والمعتز ظل حتى اليوم علي ود وتواصل حميم مع هاني وأسرته، وقبل شهور قليلة شكل حضور جميل وبهي في زواج شقيقة هاني الدكتورة لبابة عبد الله سليمان، وجاء المعتز ومعه زملاؤه وبعض أهله، وغاب كثيرون فضل عبد الله سليمان عليهم عظيما، ولكن المعتز أصيل ابن أصول، عمل بأصله، وكل يعمل بأصله.
أما بالنسبة لجامعة العلوم والتقانة التي أسسها المعتز في بداية تسعينيات القرن الماضي، شاءت الأقدار أن أكون قريبا منها منذ انطلاقتها الأولي في حي الملازمين الامدرماني العريق، تحت مسمي كلية علوم التقانة، ولقد أفلح المعتز باختيار شعارها في مدخل أمدر عند حديقة الموردة، فاحتلت بذلك موقعا عزيزا في قلوب أهل أم درمان، وهم عنوان كل أهل السودان، وكنت في تلك الفترة مقيما في مصر، وكانت مندوبة الكلية في ذاك الزمان تأتي إلى مصر شهريا تقريبا لشراء معدات طبية أو أجهزة تقنية، أو مراجع جامعية، وعلمت منها أن سياسة المعتز في الكلية ترتكز علي توجيه جل إيرادات الكلية لشراء الأجهزة والمعدات والمراجع لأنها أساس التعليم الجامعي التطبيقي والنظري، ومنذ ذاك الزمان تنبأت بمستقبل باهر لهذه الكلية، وكان من حصاد ذلك أنها تفوقت أولا علي كليات كثيرة سابقة لها في التأسيس وصارت جامعة يشار إليها بالبنان، وها هي اليوم تتفوق علي كل الجامعات الخاصة، وكثير من الجامعات الحكومية بفضل ما أتاحه لها المعتز من بعد فضل الله تعالي.
ولعلم الذين لا يعلمون فإن جامعة التقانة تخرج فيها حتى اليوم أكثر من سبعين ألف طالبا، منهم نحو ستة عشر ألف طالبا درسوا من خلال منح دراسية قدمها لهم رئيس الجامعة الدكتور المعتز، ومنهم نحو ١٢٠٠ من دول أخري عربية وأفريقية وغيرها، ومما يميز جامعة التقانة أن الإهتمام الباكر بالقاعدة التقنية تطور وتواصل وصرفت عليها الجامعة أكثر من ثلاثة مليون دولار، فصارت الأميز في هذا المجال بين كل الجامعات السودانية، وكثير من غير السودانية كذلك، وبالجامعة هيئة تدريس تضم أكثر من ألف وستمائة من أميز الكفاءات الأكاديمية، وللجامعة شبكة علاقات إقليمية وعالمية واسعة، مع جامعات مشهورة من مصر وماليزيا وباكستان، وجامعة بيرغن النرويجية، وميسوري الأمريكية.
وأكثر ما يميز جامعة العلوم والتقانة، اهتمامها بالمسؤولية المجتمعية، ويرعي ذلك رئيس الجامعة شخصيا الدكتور المعتز محمد أحمد البرير، فتعودت الجامعة وعلي مدار سنوات عدة، أن تسير أكثر من قافلة صحية كل عام داخل العاصمة ولكثير من ولايات السودان، وتصرف علي تلك القوافل بسخاء شديد، وأهم مشاعل التقانة المجتمعية مركز البرير الثقافي الذي أسسه المعتز عام ١٩٩٦م، وظل ينتدب لإدارته ألمع نجوم الفكر والثقافة والصحافة والإعلام والإبداع، هذا المركز يشكل منارة علم وثقافة لا مثيل لها، فجامعة بهذه المكونات، وتحت هذه القيادة المتميزة، فإن التفوق لا بد أن يكون حليفها بإذن الله تعالي، ولكل مجتهد نصيب.